يثار الجدل حالياً فى مصر حول الأنتخابات البرلمانية كجزء أخير من خارطة الطريق . لكن وللحقيقة لايمكن إختيار برلمان فى الوقت الحالى نظراً للظروف التى باتت تبزغ فى سماء مصر . منها خطط التنمية ، وعمل الحكومة الدؤوب الذى بدأت تتجلى معالمه ، والذى سيسمح بحل العديد من المشاكل الرئيسية التى كانت تهدد الأقتصاد ، وتقف حائلاً أمام التنمية الحقيقية . وهذا يتم دون برلمان فى الوقت الحالى . ولا يتعارض مع طموح الشعب .والكل ينعم بتحقيق أهداف حقيقية فى ظل رقابة ذاتية لا تقبل الشك . بل وتزيد من الأنتماء والفخر لدولة مصر ، التى تستعد لأن تنظم مواردها وإمكانياتها للدخول فى عالم التنمية لما لديها من مخزون حضارى يؤهلها للأرتقاء والوقوف بجانب دولاً حققت تنمية غير متوقعة فى سنوات قليلة مضت .
ربما يسأل البعض عن الأنتخابات كأستحقاق فى خارطة الطريق . لكن مازالت مصر تحتاج الى الوصول الى حالة أمنية مطمئنة ، حتى تعمل السياحة ويتم جذب الأستثمارات بصورة ترضى الجميع ، ويشعر المواطن بأن حالته الأقتصادية تسمح له بإختيار من يمثله عن وعى وقناعة .
فاليوم مانراه هو إعطاء فرصة لكوادر غير مؤهلة للوصول الى البرلمان ، وهذا سينتج عنه برلماناً ضعيفاً نحن فى غنى عنه فى الوقت الحالى . ليس هذا فحسب ، بل ربما نرى العديد من ( الوصوليين) للسيطرة على البرلمان .ونحن فى حاجة الى البناء ، ووجود هؤلاء سيؤثر على الحياة السياسية فى مصر لأنهم سيكونوا بمثابة خيال الظل يتساوى وجوده مع عدم وجوده فى هذه الفترة، التى يصمم فيها الشعب المصرى على عبور النفق المظلم بكوادر قادرة على تحقيق الهدف المنشود فى زمن قياسى يتناسب مع قدرة ومؤهلات شعب أتخذ القرار بشأن التنمية والارتقاء بنفسه مهما كان حجم التحديات .
فترتيب البيت من الداخل يستدعى فى الوقت الحالى خلق برلمان قوى يتساوى مع تنظيم هيكل الدولة ، والذى نراه بنجاح فى قمة هرم الدولة حالياً . وهذا يتتطلب برلمان بنفس كفاءة الرئيس والحكومة .ولتحقيق هذ الهدف علينا اولا: تحديث المحليات وظهور أدائها على أرض الواقع الذى يلمسه المواطن . ثانيا: زيادة شعور المواطن بالرخاء والذى بدأ بالفعل الأحساس به . والشعور ببحبوبحة العيش وقدرته على الحصول والقدرة على أدنى متطلبات الحياة دون معاناة .فلن تكون هناك حرية للمواطن فى الأختيار لأعضاء البرلمان الا من خلال تحرير المواطن إقتصادياً . وهذا كان جوهر ( الحرية) للمواطن الأمريكى والتى من خلالها غرست اميركا ديمقراطيتها ، فلولا تحرير الفرد اقتصاديا لن نستطيع أن نستفيد من رأيه خصوصاً إذا كان رأيه مقرون بالضغوط الأقتصادية والهموم الحياتية التى تدفع ب( الانتهازيين) وممن يلعبون على كل الحبال وما يمكن تسميتهم بجماعة ( معاك معاك - عليك عليك ) لأنحصار رؤيتهم فى بؤرة صغيرة لا تتعدى موضع القدم لانها محصورة فى المصلحة الشخصية وليست المصلحة العامة . لذا هم أداة للتحايل وهدم مبادىء وأهداف مصر الجديدة بقصر نظرتهم للمستقبل ، وحق الشعب المصرى الذى عانى الكثير ويلتمس بصيص نور لطريق يأخذه الى الحياة الكريمة بعيداً عن العشوائيات ( الفكرية) التى أسكنته المقابر وعلب من الصفيح وشبكات الطرق الصالحة فقط ( للتوك توك ) لحساب مجموعة المصالح التى أخذتنا للوراء لسنوات عديدة ، مما أتاح الفرصة لنهوض دول لم يكن فى الحسبان لها أن تنهض. ونحن شعب مصر أحق وأجدر بأن نحتل صدارة التقدم والتنمية نظراً لوجود طغمة انحصرت رؤيتها فى المصلحة الخاصة وتناسوا المصلحة العامة التى هى اوستراد الدول المتقدمة .
نهوض هذه الدول حق لها ، لكن الأنتكاسة التى أخذت مصر الى الوراء وفى وجود حياة برلمانية ، يرجع الى ضعف الكوادر البرلمانية ، والتى تحتاج منا النظر بشأنها، وكيفية خلق برلمان يتفهم متطلبات المرحلة ، لايقل قوة فى الأداء عن الحكومة التى نزل رئيس وزرائها الى الشارع .والأيادى المصرية التى شمرت سواعدها من أجل مصر.
لا اريد هنا ان أُثنى على اداء شخص بعينه فى هذه المرحلة ، حتى لا يُحسب نفاقاً . لكن متطلبات المرحلة ، خصوصاً ترتيب البيت من الداخل لايحتاج إلتزام حّٓرْفِى أمام أحد . بل تحتم علينا طبيعة المرحلة العمل لمصر جديدة بعيداً عن اى ضغوط دولية لاتتفهم الشأن المصرى ، وطبيعة المرحلة بحجج يمكننا ضرب عرض الحائط بها فى ظل انعدام القيادة الدولية للعالم .وما يحدث فى العالم حالياً من تردى للأوضاع الأقتصادية ، وعدم الاستقرار السياسى فى أماكن كثيرة حول العالم ما هو الا مؤشر لفقدان العالم للقيادة الحقيقية ، بدليل سيطرة اليمين المتشدد والحكومات الائتلافية على العديد من دول العالم .
إذن ونحن فى طريقنا لخلق مصر الجديدة لانحتاج لبرلمان على الأقل لفترة أكثر من عام ونصف ، لنفسح المجال أمام الأحزاب لتشكيل رؤية جيدة للمستقبل فى مصر ، وكيفية التعاون فيما بينها بغض النظر عن الأتجاهات السياسية لتكريس مبادىء التعددية ، وفهم آفاق مرحلة تحتاج الى البناء تتطلب العمل الجاد الذى يأخذنا الى الأمام دون مواربة أو مجاملة . كذلك أن لا نأخذ فى الحسبان رؤية العالم لنا ونحن نرتب البيت . فالعالم يتفهم جيداً ما تمر به مصر من تحديات داخلية . لكنه لم يفقد الأمل فى الحضور العاجل لمصر المستقبل القوية إقتصادياً ، والفتية بسواعد شبابها ، الرائدة فى محيطها .
هذه هى الأمنية التى قالها ويقولها دائماً لى العديد من صناع القرار فى العالم .