الأسكتلنديون قالوا (لا) للانفصال. درس جديد فى الوحدة
-
29/10/2014 03:44:00 م
- |
- رئيس التحرير
الأسكتلنديون قالوا (لا) للانفصال. درس جديد فى الوحدة
بقلم رئيس التحرير: محمد العطيفى
ساعات حبس العالم أنفاسه ، وهو ينتظر نتائج الأستفتاء فى أسكتلندا ، حيث ان المؤشرات الأولية كانت مخيفة . وكان هناك سؤال يدور بالأذهان . هل يتم انفصال اسكتلندا كجزء من المملكة لينهى أتحاد دام أكثر من ثلثمائة عام . ويكرس لأنفصال ايرلندا وربما يجر مقاطعة ويلز ؟ ليقضى على قوة إقتصادية فى اوروبا ، وديمقراطية عتيقة متمثلة فى الوحدة بين المقاطعات تحت علم المملكة المتحدة .
مر الأستفتاء بهدوء ، والعالم يتطلع الى النتائج . لم يغفل جفن السياسيين فى المملكة ، وكذلك الشعب الذى ظل يراقب صدور النتائج . والتى كانت محصورة بين ( نعم) مع الأستقلال و ( لا ) مع الوحدة . ورغم ضيق المساحة اللغوية بين ( نعم) و( لا) الا انها تشتمل على الكثير من التفاصيل التى تنبعث من هذه المساحة الضيقة اللغوية . وتنعكس على شتى مجالات الحياة فى كلى الحالتين . فلو نظرنا فقط الى ( الأسترلينى) كعملة بدأ ينهار أمام ( الدولار) و( اليورو) كلما قرب موعد الأستفتاء . كذلك خوف المستثمرين وهلعهم فى المنطقة للخوف من الأنفصال .
وهاهى النتائج تعيد الفرحة للجماهير ، بل حتى الأقتصاديين فى العالم وتعيد الثقة للسوق فى المملكة . فالتصويت بلا للأنفصال كان ٥٥٪ مقابل من قالوا نعم بنسبة ٤٥٪ . وللحقيقة من قالوا ( نعم) هو رقم لايستهان به ، وهو مايدعو السياسيين اليوم الى محاولة ايجاد وسائل لخلق آلية سياسية جديدة لتخلق مستقبل مشرق لهذا الاتحاد . هو لن يقف عند هذا الأستفتاء ، بل هو بداية جديدة لأعادة النظر فى العديد من الأمور السياسية فى المملكة والتى سيتم على أثرها بعض التغيرات فى الشكل العام للسياسة الداخلية ، ربما ستضعف سيطرة ( ويستمنستر) على اقاليم الأتحاد .
ماحدث فى المملكة المتحدة ، والأستفتاء فى اسكتلنداهو درس جديد فى الديمقراطية للعالم . ودعوة لأهمية الوحدة خصوصاً وحدة الأوطان . فكان هناك سؤال يتردد بالأمس هل سنصحو من النوم لنرى اسكتلندا دولة مستقلة ؟ وألاجابة اتت من صناديق الأقتراع لتقول للجميع ( الوحدة باقية ) وسيبقى علم الدولة عالياً غير منقوص يرفرف على ربوع وكل تراب المملكة.
فهل نستفيد فى الشرق الأوسط من هذه التجربة للمحافظة على الأوطان وسلامة أراضيها ونعيش فى ركب العالم الحر الذى يرفض النزاعات المسلحة على أراضيه ويترك المساحة والقرار لإرادة الشعوب لتقرر مصيرها عبر صناديق اقتراع نموذج للسلمية وأحترام الرأى .
فما يحدث فى عدة دول فى الشرق الأوسط من حروب وقتل وتدنى أخلاقى لا يرتفع للمستوى الأنسانى وبعيد كل البعد عن العالم المتحضر لهو السؤال الذى يحتاج منا إجابة .
وتتلخص هذه الإجابة فى المحافظة على سلامة ووحدة الأوطان ، والأرتقاء بالأوطان كهدف لكل ابناؤه ، من خلال العمل الجاد لرفعته ، وأبعاد شبح التقسيم والحروب عنه ، والتصدى السلمى لمحاولة عزل أى جزء منه . فهاهى اليمن ، وليبيا، والعراق وسوريا فى عالمنا العربى نماذج لمن يحرث فى الماء ليحصد الديمقراطية . فالديمقراطية الحقيقية شهدناها امس واليوم فى اسكتلندا.
وما نتائج الأنتخابات الا درساً لمن يريد ان يستوعب معنى وحدة الأوطان التى بها نستطيع ان تجعلها تنعكس على رفاهية الفرد وسلامة المواطنين.
فليس عيباً ان نتعلم درساً رائعا فى المدنية والحضارة من انتخابات اسكتلندا.