بقلم محمد العطيفى
ما حدث فى تونس مؤخرا وفى مدينة سوسة من قتل للابرياء فى شهر رمضان الكريم ، يوضح لنا أن ماسمى ( الربيع العربى ) ماهو الا خطوات تجاه الفوضى ، والتى تعيشها العديد من البلدان العربية التى جرها حراك الربيع العربى الى عدم الاتزان وغياب الدولة وتبجح المواطنين بالمطالبة بسقف عالى من الحرية الغير مشروطة والتى لاتستند على أسس . وعندها غاب الأمن . ونتج عن الفراغ الأمنى ظهور المتطرفين فكريا والمتعصبين بأسم الدين لخلق عدم الاستقرار والفوضى .
فلم تنتهى حادثة باردو حيث المتحف التونسى مركز ثقافى مهم يقتل فيه الزائرين فى عمل اجرامى يتنافى مع كل الشرائع الدينية لأن الضحايا ابرياء لاحول لهم ولاقوة ولاذنب اقترفوه ليدفعوا حياتهم ثمنا للبربرية والهمجية التى يتبناها البعض وللاسف انها بأسم الدين . لتأتى حادثة سوسة ويدفع السياح ايضا ثمنا آخر . ولكن ماهى النتيجة لهذه الاعمال المليئة بالخسة والعار على من ارتكبوها مهما كانت أفكارهم أو معتقداتهم .
لقد قمت بزيارة تونس من شهر ونصف تقريبا للوقوف على الآثار السلبية التى تركها أو خلفها الربيع العربى فى بلدان كانت تعج بالسياح والزوار من بقاع الأرض . وكانت رحلتى مرورا بأيطاليا . وفى الترانزيت وجدت العديد من الرحلات التى تقوم من ايطاليا الى مطار قرطاج . وعندها قلت لنفسى أن تونس الخضراء عاد اليها السياح مرة أخرى وبصورة جيدة . وتوقعت أن تكون تونس بها حركة سياحية غير عادية . وهذا شىء نتمناه لكل العالم العربى خصوصا الدول الجاذبة للسياحة .
لكن عندما وصلت تونس لم أرى السياح . تحركت فى العاصمة خصوصا ساحة الحبيب بورقيبة لأرى المقاهى مزدحمة والكل يتكلم اللغة العربية . طفت بالفنادق وكنت فى فندق افريقيا لأرى ايضا ان المكان يخلو من السياح الأجانب . ذهبت الى المرسى وبعض الأماكن السياحية اراها فارغة الا من البعض ممن يمكن حصرهم على أصابع اليدين .
وبدأت اسأل العديد من التونسيين عن الاوضاع الحالية . ولم أجد من يثنى على الأوضاع بعد الربيع العربى . فساحة الحبيب بورقيبة باتت مليئة بالقمامة ، الشرطة تقف فى الشارع لكنها لا تأبه بالأمن .
فى فجر أحد الأيام كان هناك فى منطقة الحمامات خناقة فى أحد الملاهى الليلية وتم ابلاغ البولبس بها ووقفت انظر كيف سيحل البوليس هذه المشكلة ؟ ووجدت البوليس يقف يتفرج على الاشتباك بالأيدى والبعض يلوح بالسكاكين فى وجود البوليس . عندها عرفت أن البوليس مغلوب على امرة فى ظل التصدع الذى أصابه نتيجة الربيع العربى .
وعندما اردت التحرى عن الأحوال والأوضاع التى تمر بها تونس . أخبرنى العديد أنهم الآن يتمنون يوما من ايام الرئيس السابق ( زين العابدين بن على ) وقالوا لى أن هذه القمامة التى تراها الآن كان من المستحيل أن تراها قبل حراك الربيع العربى .
العديد منهم ظل يشتكى من تغير الأوضاع بصوره مزرية ، فالأسعار باتت غالية ، والأجور لاتكفى والبطالة مرتفعة والسياحة لم تعد كما كانت عليه فى السابق .
والغريب أننى تأكدت أن تونس بلد ليس متأثرا بالدين كبلدان عديدة ، بل هناك حالات كثيرة من الأنفتاح على الآخر . ترى فتاه منقبة تجلس فى مقهى مع شاب ويعيشون أجمل لحظات الحب . الطلبة والطالبات فى الجامعات والمدارس أكثر انفتاحا ’ لايشغلهم سوى تونس رغم اختلاف ايدلوجياتهم السياسية . بلد متحرر غالبيته ولايعرف التزمت سوى قلة استحالة أن تراها فى المدن الكبرى .
وللحقيقة يمكننى القول أن تونس عندما تخرج من العاصمة وتسافر الى اى مدينة أخرى كلها بها طرق جيدة مرصوفة بعناية ، هناك بنية تحتية لا بأس بها ، فقط تريد التنمية . والتنمية لن تأتى فى ظل التهاون الأمنى . فما حدث فى سوسة سيؤثر دون أدنى شك على القطاع السياحى ونحن فى صيف 2015 .
وماتحتاجة تونس ومصر ودولا كثيرة تلعب السياحة دور هام فى اقتصادها أن تهتم جيدا بهذه الصناعة من حيث توفير الأمن ، ومحاربة هؤلاء المتطرفين بلا هوادة ولا رحمة . لانهم آليات تدمير الاقتصاد فى البلدان التى تطمح للتنمية . فلابد من اجتثاث جذورهم نهائيا حتى نضمن سلامة الشرق الاوسط .
ويجب على كافة الدول فى العالم العربى أن تتعاون أمنيا لحرق هؤلاء المتطرفين وانتزاعهم من المنطقة بكاملها ليعم الأمن وتستقر الأوضاع . فالمسئوليات التى تهم المنطقة جسيمة وتحتاج لعمل عربى مشترك . نحن فى عالمنا بحاجة الى الأمن القوى حتى نحقق التنمية والتى بدورها ستستوعب كم كبير من الشباب الذى يحلم بمستقبل أفضل بعيدا عن قارب يغرق به قبل الوصول الى أوروبا نتيجة عدم الأستقرار وفوضى المتطرفين ، فرصاصهم بات يقلق الجميع بل ويصيب الجميع . فلاحوار يفيد معهم ولاحل سوى لغة قوة الدولة فهى القادرة على أن تقضى عليهم ليعم الاستقرار والرخاء والامن